داهش والأديان

إلى معبودتي

إلى معبودتي

                                 

أي معبودتي الجميلة!

لقد أحببتك فيما مضى،

ولكنني ما زلتُ أحبكِ،

وسأبقى في المستقبل وفيًّا لك.

أي معبودتي الحبيبة، أتسمعينني؟

وحقكِ سأقضي إن لم ترجعي كما كنتِ سابقًا.

عديني، أي جميلتي، عديني،

لقد يئستُ من حياة كلها آلامٌ لا تطاق.

وهل توجدُ آلامٌ أشد من بعدكِ عني؟

يا إلهي!

لِمَا هذه الآلامُ النفسية الشديدة الوطأة على نفسي المُحطمة؟

ألم يكفني ما قاسيته من يد الزمن العاتي الذي لم يرحمني،

بل حطَّم آمالي على صخوره الصماء؟!

إنني متأكدٌ أن قلبي لم يُخلق لغير حبك،

وأن نبضاته لا تردِّد سوى اسمك،

وعينيَّ لم توجدا إلا لكي تُطيلا النظر

إلى عينيكِ الفاتنتين اللاتين لا شبيه لهما!

شعرُكِ المُنْسَدِل ذو اللون الفاحم السواد,

بمَ، يا تُرى، أستطيعُ له تشبيهًا؟

إن أقرب شبه له عندما يداعبُ نسيمُ الصباح

أمواج الخضم العظيم!

والآن، بمَ أستطيع أن أصفَ وجهكِ المُشرق؟

أأشبههُ بأجمل يومٍ من أيام الربيع الزاهي

المُكلل بورود متعدِّدة الألوان؟!

إذن أكون قد عجزتُ عن وصفه كما أريد!

وصوتِك، أيتها المعبودة؟

إن أقرب نغماتٍ إليه تلك البلابل والقماريّ

التي تجتمع أسرابًا على أفنان الأشجار

القائمة بجانب الأنهار ذات المياه الصافية العذبة،

وهناك تُغرّد وتُغرِّد…

معبودتي، حبيبتي، جميلتي،

حياتي، كياني، كلّ آمالي في هذه الحياة!

دعينا نذهب معًا، عندما يكون البدرُ في أتمّه،

إلى مجاهل الغابات المُلتحمة الأشجار،

حيث لا رقيب ولا عذول.

وبين الأشجار الباسقة الوارفة الظلال

التي تشدو عليها البلابلُ والطيورُ المُختلفة الأشكال،

هناك….

بعيدينِ عن ضوضاءِ البَشَر ومساوئهم،

وإلى جانب الأنهار الجارية،

وعلة خريرها الموسيقي المُبدِع،

أجثو بجانبك،

لأبثكِ عميقَ الحب الذي امتزج بدمي،

فعدتُ لا أستطيعُ بدونك حياة؛

وأُحرك شفتي لأخبركِ بما صنعه البعدُ بي،

يا غادتي التي لا أُصدق أَنكِ، الآن، معي!

ثم أرفع بصري إلى جمالكِ الملائكيّ،

وأنظر إليه وأنظر…

وهناك أبقى لكِ،

وتبقين لي،

إلى أن نفنى معًا في الحبّ

أي معبودتي الجميلة!

                                         القدس، 14 أيار 1927

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!