وكاهنٌ ضحكتُه رطل
وكاهنٌ ضحكتُه رطل
حياتُنا في الدنيا شقاء، يتلوه شقاءٌ فشقاء.
لن يخلد أحد في عالمنا التعيس، فالكلُّ سيجتاحُهم عفاء.
أحدُنا عليلٌ سقيمٌ، عسيرُ التنفّس، إذْ يسري في داخله داء.
وآخر عشَّش السرطان في خلاياه فبات يرجو دواء.
ولو تمنّى الموت لكان أحسنَ طلبًا، فماذا يُفيده الشقاء؟
غير همٍّ وغمّ، وحُزن مقيم، ولوعةٍ عظمى، ففيم يفيده البقاء؟
وغيره فقد وحيده، فأظلمتْ دنياه، فانقلب بكاؤه عواء!
وثاكلٌ لطمتْ راسها ورطمت صدرها،
ولدَمَتْ وجهها، وناحت كنوح الخنساء!
ما أفادها حزنُها المُدمى، ففقدت عقلها بعدما حطّ عليها عقابُ البلاء.
وكاهنٌ ضحكته رطلٌ إذْ سجل مؤمنٌ أملاكه له، مع قصرٍ فخمٍ متين البناء.
وفي يوم التسجيل أتاه ملاكُ الموت وبيده منجله المُخيف يتوهج بضياء،
قال له عزرائيل:
“دَنتْ ساعتُك، فلِمَ لم تُوزع ما اختزنته زورًا للفقراء؟
ولِمَ لم تُنفذ وصيّة تعاليم (سيد المجد) القاطن في أعالي السماء؟
إن سروركَ بأملاك الغني الغبي سيُدخلك إلى جهنم الحمراء”.
وآخر قتّرَ على نفسه إذ كان عليها شحيحًا فانطلق وترك ثروته للبلهاء،
وصحب كحلاء العين، رشيقة القوام، ذات الرقة والبهاء،
مَنْ تاجرت بحسنها الرائع إذْ لوثته باعوجاجها. فيا لها من غادةٍ رقعاء!
كلُّ ما تحويه غبراؤنا لوثته أعمالُ قاطنيها فيا لهم من كذبة أشقياء!
كفرت بكل ابن أنثى، ولم يبقَ لي ثقة بمخلوق، وأمَلي هو بالسماء.
أنا لو خُيِّرتُ لكنتُ أحرقتها، لردمتها ودمرتها، ولأحلتها إلى فناء.
ميلانو، تاريخ 2/3/1974
الساعة 7 مساءً