داهش والأنسان

أيها القلبُ المُتعب

أيها القلبُ المُتعب

أيُّها القلب،

يا قلبي المُتعب،

لقد فعلتْ بك السنون فعلها، فمللت الضربات المتزنة،

إذْ أصبحتَ بين الإحجام والإقدام:

الإحجام عن البقاء في هذا العالم الماديّ المُخيف،

والإقدام على مغادرة هذه الفانية علكَ تحظى بالراحة المنشودة.

إن (التقطيش) بنبضاتك أيها القلبُ المعنى لرهيب.

فإنني أشعر، عندما تتوقف للحظةٍ عن الضربات، بألمٍ عميقٍ مُدمَّى.

فالضيقُ إذْ ذاك يحتلُّ كياني، والضعف يحتلُّ وجودي.

فأذوبُ ثم أتلاشى،

وأُحاول التنفس بصعوبةٍ بالغة،

وأضرع إلى الله أن يعيد إليَّ ضربات قلبي المُنتظمة،

أو يطلقني من أسر هذه الدنيا الفانية.

إن الأعوام التي حملتها على كاهلي لهي طويلة ومُملّة،

فأين عهدُ الشباب من هذه الشيخوخة المُحزنة؟

وأين أين نشاطُ الفتوة من خمول هذه السن المُرهقة!

فتعال أيها العفاء واحملني إلى عالمك القصيّ!

تعالَ واصحبني معكَ إلى فردوسكَ الرائع.

تعالَ تعال إذْ ضاقت نفسي ذرعًا بعالمي التعيس.

تعال أيها الملاكُ الرحيم وخُذني معك.

تعالَ ولا تكن قاسيًا يا من أتمنَّى قربك.

تعال وضمني إليك وكن صديقي ورفيقي.

تعالَ واحصد روحي بمنجلك الرهيف.

تعالَ وانلني الراحة بعد تعبي الطويل المتواصل.

تعالَ وامنحني الطمأنينة أيها الجبَّارُ المُقتدر.

تعالَ وامحُ قلقي الذي أقضُّ مضجعي وسودَ أيامي.

تعالَ وحلق بي نحو عالمَ المُوغل في الفضاء.

تعالَ وانشُرْ جناحيكَ الغُدافيين وابتعد بي عن عالم الأرض.

تعالَ ودعني ألجُ مدينتكَ العجيبة المتينة الأسوار.

ها قد بسطَ الليلُ سرادقه على عالم الأرض،

فإذا بالدُّجنات الرهيبة تُسيطر على الكون،

وتشملُه بحندسها الدجوجي.

فأسرعْ، أسرعْ بي إلى مدينتك المُرجَّاة.

اسرعْ ودعني أجوسُ ربوعها المُقدسة،

لأتمتَّع بما حُرمتُ منه طوال أعوامي الأرضية.

آه، ما أجمل عالمك أيها الموتُ العادل!

وما أسعدني وأنا أتجول في حدائقه الغناء الإلهية!

                                      صوفيا، الساعة التاسعة من صباح 26/9/1972

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!