الحسونُ السجين
الحسونُ السجين
انتحب الوردُ وناح الياسمين،
وأعولتْ شقائقُ النعمان،
وتساقطت أوراقُ الأشجار،
وارتفعَ نشيجُ البنفسج،
وصمتت الطيورُ عن تغريدها العذب،
ووجم البلبلُ الصداح،
ثم غرَّد فإذا بتغريده نُواحٍ،
والفراشُ الجميلُ انكفأ أرضًا لشدّة لوعته،
والأثمارُ تساقطت عن الأشجار،
والأغصانُ أصبحت عاريةً من أوراقها الغضَّة،
والنهرُ جفَّ ماؤُه النَّمير،
والحقولُ اكتأبتْ، والمروجُ عصفَ بها ألمٌ مرير…
آه! وَلِمَ هذه الكآبةُ العظمى والحزنُ السائد؟
لأنَّ الحسونَ اللطيفَ، الحسُّون البديع التغريد،
سجنه أبناءُ البشر ضمن قفصٍ صغيرٍ حقير.
فيا للإنسان ما أظلمه، وما أقساه!
وما أفدح وأرهبَ ما أتاه!
لقد حُرم العصفور الصغير من التحليق نحو الأعالي،
والقفص منعه من التنقل على الأغصان الغضَّة،
ليطرب بتغريده العذب المروج والغيطان.
حقًا إن الإنسان ما هو إلا شيطان،
وأي شيطان!
بيروت، الساعة السابعة مساءً تاريخ 24/1/1975