داهش والأنسان

باطلُ الأباطيل

باطلُ الأباطيل

لقد طفتُ الأقطار، وجبتُ عددًا من الأمصار،

ولكني وجدتُ كل ما شاهدتُ باطلاً!

استقليت الطائرة، واعتليتُ الباخرة ثم سافرتُ بالقاطرة،

فعرفتُ، كذلك أن هذا باطل!

تناولتُ أخسَّ الأطعمة، ثم ملأت جوفي بأشهاها،

وتأكد لي أن هذا باطل!

دخلتُ دور السينما، وحضرتُ مشاهد السيرك فيها،

ثم ولجتُ أوكار الملاهي المُتعددة،

فوجدتُ أن كلَّ هذا باطل!

مخرتُ البحار، وطفتُ في الأنهار، في الليل والنهار،

ولكن عرفتُ أن هذا باطل!

شاهدتُ من النساء

الشقراء والسمراء والبيضاء، والزنجية السوداء،

والصينية الصفراء، والأوروبية الهيفاء، والعربية الكحلاء،

ولكني أيقنتُ بأن هذا باطل!

فقرتُ وغنيتُ… فابتعتُ أغلى التُحف الفنية

ونعمتُ بعيشة رغيدة هنية،

ولكن كل هذا باطل بباطل!

فما دام الموتُ لنا بالمرصاد، وما دام سلوكنا معوجًا،

فبابُ السماء لن يُفتَح لنا بل سيوصَد.

كلُّ ما نراه، وكلُّ ما نتنسمُهُ، وكل ما نتذوقه،

وكلُّ ما نأمل البلوغ إليه هو باطل بباطل بباطل،

لأَّن الموت سيضع حدًّا لكل ما يمرُّ بفكر أو يجول بخاطر.

إذًا فلتكن أعمالُنا مُتَّجهة للخير والحق والفضيلة.

فهذا خيرٌ لنا لعالمنا الآخر،

لأن كل ما تعمر به هذه الحياة الدنيا

إنما هو قبض الريح وباطل.

                                                                   فينا – النمسا – في 2 تموز 1972

                                                                   والساعة السابعة والنصف صباحًا

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!