حلمٌ سرابي
حلمٌ سرابي
كنتُ أسير في صحراء مُترامية المسافات
كأن أبعادها اللانهايات!…
وكان العطش قد استبدَّ بي،
والحمى تسري في أعصابي فتبيدها،
إذْ مضى عليَّ أسبوعٌ بكامله دون أن أتزوَّد بقطرة ماء
أبلُّ بها أُوامي.
وفجأةً خُيِّلَ إلي أنني أشاهدُ حورية حوراء،
وجهها يُزري بالبدر المنير،
وقوامها الأهيف استولى على إحساسي،
فذهلتُ لمرآها العجيب!
اقتربَتْ مني وبيدها كوبٌ ذهبيّ مُلِئَ بماء فُرات،
اختطفتُه منها بعصبية،
وشربتُه لآخر قطرة فيه.
وإذا بالحياة ترتدُّ إليّ،
والنشاط يسري بأعصابي.
وسرتُ مع هذه الغادة في هذه الصحراء الرهيبة الأبعاد…
وكانت الشمس ساطعة، وحرارتها مبيدة…
فخلعتُ ردائي لأضعَه على رأس هذه الحورية الفاتنة.
لاقيها لفح وهج هذه الشمس اللاهبة.
وإذا بثغرها يفترّ عن بسمة سماوية،
ففتنتني وأذهلتني وأضاعت نُهاي!…
وإذاني أنكبُّ على ثغرها الأحوى أقطعه تقبيلاً…
وترنَّحتُ للذة العظمى التي تملَّكتني!..
وإذا بي أجوب عوالم الأحلام الهنيئة،
وحوريتي بجواري في جنة دانية قطوفُها،
رائعة بأشجارها الباسقة،
وأطيارها المُغردة!…
وفجأة، استيقظتُ من هذا الحلم السحري اللذيذ،
فندبتُ حظي إذْ كان حلم حالم.
بيروت، 10/5/1973