داهش والأنسان

عَذرَاء ترثى عفافها وطهاراتها

عَذرَاء ترثى عفافها وطهاراتها

من كتاب “مذكرات دينار للدكتور داهش، ص 38، طبعة أولى

إنني أندبك أيها العفاف المثلوم بدموع عيني وبدماء قلبي الحزين.

وأرثيك أيتها الطهارة الملوثة رثاء الثواكل اللواتي لا يتعزين.

وأبكيك أيها الشرف الرفيع الذي أقتحم أحطّ الكلاب رتاجه المنيع.

وأعول عليك أيَّتها العفَّة عويلاً مُنبعثًتا من أعماق روحي النائحة.

وأنوح على فقدك أيها النقاء بعدما اعتدى الرعاع على قدسيتك.

إن التأوهات الصارخة تمزقُ أحشائي بعدما فقدت زهرة فخاري.

والآهات المزلزلة تحرمني لذة احياة وتحببني بالممات.

لقد اعتدى الذئب الشرس على النعجة المُسالمة فافترسها.

وقضقض الوحش عظامها الرخصة بجبروتِ الغيلان الممسوخة.

فإذا كان الفقر يدفع بالفقراء الشرفاء كفريسة سهلة للأغنياء الأدنياء

فلماذا لا تقتصَّ منهم يا رب السماء ولماذا لا تروعهم؟

إن عدالتك تأبى مثل هذا الظلم الصارخ صراخ الهول

لفداحة الجريمة النكراء.

فالضعيف والفقير والمسكين والبائس واليائس والحزين

ليس لهم من ملجأ إلاك يا رافع السموات وباسط الأرضين.

فافتح ذراعيك القويين وضمّهم إلى صدرك العطوف.

فهم يلتجئون إليك في ساعة محنتهم السوداء،

ويضرعون أمام سدّتك الربانية صباح مساء،

طالبين بخشوع وورع، مُبتهلين لربوبيتك الخالدة

أن تنتقم ممن عبث بأمانتك المُقدَّسة التي وهبتهم إياها

فاعتدى عليها السفاحون الأجلاف القلوب.
إنّي أجثو تحت موطئ عرشك

طالبة أن تصب جام نقمتك على الذئب الذي افترس عفافي.

                                                                   1945

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!