داهش والأنسان

لن أنسى

لن أنسى

لن أنسى أيامَ زكامي الهائل في مدينة فينكس بأميركا.

فقد ابتدأ في الساعة الرابعة من فجر 28 كانون الثاني 1977،

وها هو ما يزال يلازمني منذ خمسة أيام خلتُها خمسة أجيال.

لن أنسى كيف احتاطتني الأخوات بعناية عظمى،

ففوته كانت تحنو عليَّ بأيام مرضي حنو المُرضعة على الفطيم،

و(هـ)، هذه الزهرة الأرجة، قد عطرت أيام ضنكي العصيبة؛

عطرتها بحنوها وحدبها عليَّ واهتمامها الشديد بي، حفظها الله وعافاها.

ولن أنسى عناية العزيزة الغالية (أ)، فقد لازمتني بأيام مرضي الشديد باذلةً عنايتها القصوى في سبيل الترفيه عني                              وتشجيعي على تحمُّل الالم العظيم،

إن حنَّو هؤلاء الأخوات سيتبعني إلى عالم القبور الصامتة.

وعندما أكونُ مُلحدًا في جدثي، عندما تدنو ساعتي الأخيرة،

سيكون في صدري الصامت صمت الأبدية،

شُكري لهنَّ، واحتفاظي بهذا الصدر المتالِّم لعظيم عنايتهنَّ،

راجيًا من الله أن يقيهنّ حدثان الدّهر الخؤون وينصرهنَّ.

أما أنا فاني أُسجِّل على نفسي

بأنّ جميلهنَّ الأخوي، وحدبهنّ عليّ،

لهو من النبالة التي لا تعلو عليها نبالة تُضارعها

حفظهنّ الله، وأبقاهنّ باقة تعطر الأجواء بأريجها المضوَّع!!

                                        فينكس، الساعة 9 ونصف من ليل أول شباط 1977

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!