من ستمفورد إلى واشنطن
من ستمفورد إلى واشنطن
ها أنا أجلس بمقعدي في القطار الذاهب من ستمفورد إلى واشنطن.
وها هو ينهب بي الأرض نهبًا، يسابقُ الطير في سمائه، ويطوي الفيافي طيًا عجيبًا.
وها هي أشجارُ الغابات تتراجعُ بسرعة تتساوى مع سرعة سير القطار. إنه خدعُ نظر إذْ يخيلُ للرائي أن الأشجار تعدو مسرعة، ولكن للوراء بسرعة قصوى، والأبنية الشاهقة بالكاد تشاهد هياكلها بسبب سرعة هذا القطار الجبَّار، وصوت محركاته يعلو ويعلو، وصفيره متواصل وضوضاؤه رتيبة.
ها هو يجتاز جسرًا مستطيلاً هو آية هندسية مبدعة.
وتحتنا بحيرة يترقرقُ ماؤُها الذي تنعكس على صفحته ظلال الأشجار السامقة.
والشمس ترسل أشعتها على البطاح بعد أيامٍ مطيرة، كانت تكسو سماءها الغيوم الكثيفة. والمسافاتُ لا نهائية، فأمامنا سهول مترامية لا جبال شماء فيها، والصخور العملاقة المُهيبة لا وجود لها ابتداءً من ستمفورد حتى واشنطن. والركاب، عددهم قليل؛ فمقاعد القطار خالية الوفاض إلا من بعضهم.
ها إن القطار قد توقف بإحدى المحطات فهرع عدد من الركاب للصعود اليه، بينما غادره عددٌ ممن كانوا فيه.
النعاسُ بدأ يسيطر عليَّ ويعقد أجفاني الوسنانة، وقد استسلمتُ لسلطانه القادر القاهر.
وقبل أن يغمض الكرى أجفاني دخل القطار نفقًا، فسادت الظلمة عرباته لدقائق.
ثم اجتاز هذا النفق المستطيل، فإذا بالشمس تنيرُ الآفاق، وإذا بي أشاهد نهرًا رائعًا توشيه أشعة الشمس الذهبية، وفجأة، سيطر عليَّ إله النوم (مورفه)، فولجتُ إلى عالمه السحري العجيب، وتجولتُ في فراديسه الخلابة.
في القطار الذاهب من ستمفورد لواشنطن
الساعة 2 بعد ظهر
11/5/1978
