9 أيلول 1944 ذكرى مؤلمة بغيضة
9 أيلول 1944
ذكرى مؤلمة بغيضة
هذه القطعة مأخوذة من كتاب “سفاح لبنان النذل”
في مثل هذا اليوم المشؤوم من العام الماضي، وفي الساعة العاشرة ليلاً منه، حدثت معركة الدرج المروعة على مدخل منزل الأخ جورج حداد، وما تبع ذلك من جلد وإهانة وشتم بذيء، ثم ذهابي مخفورًا برجال التحري إلى مدينة حلب، وسيرنا طوال الليل، فوصولنا في صباح اليوم الثاني إلى حلب.
إن هذا اليوم سأخلده على لوحة صدري،
بل سأحفظه منقوشًا بأحرف نارية في أعماق قلبي!
إنَّ هذا اليوم قد اصبح قطعةً لا تنفصل من نفسي،
وجزءًا لا يتجزأ من روحي!
سأذكره حتى يواريني جدثي ولن أنساه… كلا، كلا…
إنني لن أتمكن من نسيان هذا اليوم الإغبر الإهاب الكالح الجلباب!
سأذكره في أفراحي وأتراحي، في انكساري وانتصاري،
في ذهابي وغيابي، في يقظتي ومنامي،
بل حتَّى في حياتي ومماتي!
يا أيها اليوم الكئيب ! بل يا يوم الحزن البالغ والأسى المُميت!
يا يوم الشؤم، الغارق في النحس المُتدفّق!
لانتَ أشأمُ من الموت،
وأشدُّ وحشةً من الضالّ في صحراء التيه!
سأذكُركَ أيها اليوم البغيض، وألعن ذكراك الأليمة!
سأذكركَ في كل فجرٍ وعشية!
سأذكركَ في كلّ لحظة من لحظات حياتي ولن أنساك!
سأذكركَ، وسأذكّر جميعَ مريديَّ ومحبيَّ
بأن يقتصّوا ممن سبَّبوا لي أشدَّ الآلام في تاريخك هذا
سأطلبُ منهم أن ينقشوا تاريخكَ البغيض في أرواحهم المُتألمة
كي ينتمقوا من كل مشتركٍ بمحنتي المؤسية،
وإن لم تمكنهم الظروف من الاقتصاص من الآباء،
فمن الأبناء والذراري،
حتَّى يمحق كل من اشترك بإذاقتي الآلام
ومن جرعني كأس الهوان في يومك الرهيب.
آه، يا أيها اليوم البغيض! كم تكرهكَ روحي، وتتمنَّى فناءك.
بيروت، 9 أيلول 1945