داهش والطبيعة

الفاجعة

الفاجعة

 وتجهم  الجو  وعصفت الرياح،

وومضت السماءُ  ثم أبرقت وأرعدت.

ثم، ثم قصفت بدويٍّ رهيب،

وتساقطت الأمطارُ بغزارة هائلة لا مثيل لها،

فاضطرب البحر، وإذا بالأمواج الثائرة كالجبال تهدر

بعنفوان جبَّار مُرعب.

ورقصت الباخرة التي كانت تمخر الأوقيانوس،

وتأرجحت وكأنها كرة تتقاذفها الأرجل.

واضطرب ركابُ السفينة وهلعت قلوبهم،

وجحظت عيونهم  للهول الساحق والرهبوت الماحق.

وكانت العاصفة تهدرُ بجبروت صارم،

والخوفُ المُرعب جال إذ ذاك وصال،

فسجد الرجالُ وهم يضرعون في ساعة الرعب هذه،

رافعين ضراعتهم إلى العلي المُهيمن على كل ما هو معروف ومجهول.

وولولت النسوةُ، وعلت منهن أصوات النحيب والوجيب القاتل،

وأُغمي على الكثيرات منهنّ.

وكان عويلُ الأطفال يبعث الأسى العميق في النفوس.

وفجأةً  دوى في الآفاق اللانهائية صوتٌ مُهيبٌ رهيبٌ قائلاً:

        لقد طغيتم وارتكبتم الشرور الرهيبة، وما ارتدعتم عنها.

إنكم الآن تحصدون ما زرعتم.

وصمتَ الصوت.

فحدث هدوءٌ هائل لبضع ثوان.

ثم انقضت صاعقةٌ مزمجرة بهديرٍ جبَّار

فدُمَّرت السفينة وبعثرت اشلاءها

مُمزِّقة إياها شذر مذر!

وكان الليلُ الدجوجي يضرب سرادقة المُدلهم على المحيط

فيزدادُ المنظر رهبةً مُرعبة،

لا يمكنُ لقلمٍ أن يصف أهوالها الفاجعة.

وفي صبيحة اليوم الثاني ليوم الهول المشؤوم،

كانت الأجساد طافيةً على صفحة البحر الذي هدأتْ ثائرته،

وكانت الحيتانُ الجائعة تلتهم الأجساد بنهمٍ  عجيبٍ غريب.

فيا لحياة الإنسان التعيسة،

إذ ما يكاد يرى نور هذه الحياة

حتى تضمهُ ظلمةُ القبر  الدجوجية.

فالحياةُ حلمٌ عجيب ولكنه سريعُ الزوال.

فواهًا لآمالِ الإنسان السرابية الترابية!

                        بيروت، الساعة السابعة إلا عشر دقائق مساءً

                                    تاريخ 7/4/1973

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!