داهش والموت

أرْثي جهَادَك وَوفاءَك

  أرْثي جهَادَك وَوفاءَك

منذ ثلاثة أعوام طوى الموتُ أخاً داهشيّاً وفيّاً ،

جبّاراً بعقيدته ، جبّاراً بإيمانه ، جبّاراً بكفاحه .

والله يُحبُّ الجبابرة المجاهدين المنافحين

المكافحين الظلم والظُلاَّم وأهل الظلام .

طواه الموتُ ، وليته طواني عِوَضاً عنه .

والموتُ طوى ويطوي وسيطوي كلَّ مخلوقات الأرض طُرّاً .

كلُّ ابن أنثى وإنْ طالت سلامتُه

                             يوماً على آلةٍ حدباءَ محمولُ

والموتُ إذْ يطوي صاحب عقيدة ،

غيره إذا طوى شخصاً إِمَّعَة ،

لا عقيدة تستهويه ، ولا إيمان يُسدِّد خطاه ويهديه .

فالدكتور جورج خبصا الذي أرثيه ،

أَرثي فيه الفضيلة ،

أَرثي فيه الجهاد ،

أَرثي فيه الوفاء ،

أَرثي فيه الحبَّ الذي لا زيفَ فيه ،

أَرثي فيه الإخلاص الصادق ،

أَرثي فيه الأريحيَّة والكرم والحاتميّة ،

أَرثي فيه العطف على البؤَساء والمعوزين ،

أَرثي فيه عزَّة النفس ،

أرثي فيه النبالة العظيمة التي كانت تتجلَّى في هذا الأخ الراحل ،

أرثي فيه الصداقة الحقيقيّة التي لا ترمي إلى غاية ،

إلاّ غاية الإِيمان بالله ، الإِيمان بالحقّ ، الإيمان بالعدالة

التي يحاول الباطل أن يسوّدها لولا قلّة أمثال المجاهد الكبير ،

أخي الدكتور خبصا الذي سبقنا إلى الأخدار السماويّة .

فإليك ، إلى روحك التي حلَّقت بعيداً عن أرضِنا ،

أرض الأحزان والأشجان ،

وبلغت فردوس النعيم موطن الأمان ،

إلى روحك السامية التي قطنت في جزيرة السعادة والاطمئنان ،

وباتت تنعم في جنَّة الله ببهجاتٍ

لا يستطيع قلم بشريّ أن يصفَ نعيمها الأبديّ ،

راجياً أن يجمعني الله بك قريباً ،

يا أحبَّ الأوفياء إلى قلبي المعذّب لبعدك عنّي .

ولتنعمْ روحُكَ حيثُ تقيم .

إلى أن يأمر الخالق فيجمعني بك لأمكث معك حتى أبد الآبدين .

 

                           هلسنكي – في الباخرة الذاهبة بي إلى الجزر الفنلنديّة الفاتنة

                                 في 16/6/72، الساعة السادسة والثلث مساءً

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!