حاصدُ الأرواح
حاصدُ الأرواح
ما أقسى الموت، وما أشد وقعه في النفوس!
فكل منا سيذوقُ الردى، ويشربُ كأس الحِمام.
الوالدُ يُغادر أبناءَه مُرغمًا مُكرهًا عندما ينقضُّ عليه ملاكُ الموت،
والأُم يفترسُها وحش القضاء، فإذاها جثة هامدة،
ووحيدُ الأبوين يغتاله الموتُ طاعنًا قلبه بحربتهِ الرهيفة،
والحبيبُ يُخلفُ حبيبته بوادي الدموع بعدما جندلتْهُ المنية،
والصديقُ ينوشُه سيفُ الردى، فإذاه صريعٌ بين يديه.
الجميع سيحتجبون عن مسرح الوجود رغم أُنوفهم.
مكرهٌ أخوك لا بَطَل، فعزرائيل حاصد الأرواح قد أطلّ.
فالفراشةُ الفاتنة ما تكادُ تولد وتحوم حول الأزهار،
حتى نراها في خلال يومٍ أو اثنين وقد التهمتها تلك النار.
فواهًا للإنسان! ما أشقاه، وما أتعس وجوده!
فهو يشقى، وتُحيطُ به المصائب، وتنوشُه أحداث الدهر العنيف.
وفجأةً، يقفُ قلبُهُ عن الضربات، فإذاهُ ضجيع القبر المُخيف.
فإذا لم يكن هنالك حياةٌ أخرى في العالم الثاني،
فيا لتعاسة ما كنَّا في دنيانا الفانية نُعاني!
ويكون إذْ ذاكَ، وجودنا بدنيانا، مهزلة المهازل المُرعبة.
فلنصرعْ إليه تعالى أن يكلأنا بعين عنايته التي لا تنام،
وليُسدد خطواتنا ويقِنا من ولوج عالم الآثام،
فهو حارسُ البرايا وربُّ الأنام!!
باريس، الساعة الواحدة والنصف من فجر
31/10/1978