داهش والموت

حيث يرقد تولستوي

حيث يرقد تولستوي

فور خروجي من منزل الفيلسوف تولتسوي

تابعتُ سيري نحو مدفنه المُتواضع،

نحو الرقعة التي أحبَّ أن يُدفن رفاته فيها.

كنتُ أسير في غابة رائعة الأشجار شامختها،

فالشمس تكاد لا تستطيع أن تخترق أغصانها المُتشابكة.

الهدوءُ يشمل الغابة، والسكينة ضربتْ سرادقها،

فتكاد لا تسمع ركزًا أو إيقاعًا.

واستمر سيري رُبْعَ ساعة وصلتُ في نهايتها

إلى جدث تولستوي العظيم.

ها هو الجدث الذي يحوي جثمانه،

لا رخامة فوقه تشير إلى من يرقد تحتها.

فالأديب قد أوصى أن يدفن في هذه البقعة النائية، تحت أشجار الغاب

وبقرب الجدث جدولٌ رقراق

يُسامرُ قاطن اللحد ويؤنسُ وحشته الأبدية.

كما أوصى أن لا توضع رخامةٌ على قبره أو زخارف على لحده.

وكانت ضمَّةٌ عبقةٌ من الأزهار تتوجُ جدثه،

إذ وضعها أحد محبّي أدبه الرفيع.

وشاهدتُ الفراش يحون حول زنابقَ ناصعة تتخلَّل الورود المُنمقة

وهي تحطُ عليها أحيانًا لتعود فتغادرها وهي ذاهبة.

وقد التقطتُ بضع لقطات سينمائية لهذا الجدث الثمين،

ثم ودعتُ قاطنه صاحب كتاب “الحرب والسلم”

و”أنا كارينا”، و”البعث”.

وغادرتُ المكان وأنا أقول: واهًا لكِ أيتها الحياة!

ما أشدَّ الشقاءَ فيكِ، وما أرهبَ البؤس والتعاسة في ربوعك!

                                                                             موسكو، الساعة الثامنة

                                                                             من صباح 28/8/1972

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!