سأعود
سأعود
-1-
هناك في أقاصي السماء الزرقاء الصافية،
وراء تلك الغيوم الناصعة النقية،
أوجد الله مكاناً سحرياً رائع الفتنة،
تحن إليه أرواح التعساء والمحزونين.
فإلى ذلك المكان البعيد السعيد سأعود.
-2-
هناك وراء الغمام الشفاف،
تتألق الانوار من نجمةٍ وضاءة بهية،
و من وراء هذه الدرة اليتيمة الدائمة التوهّج،
خلق الله عالماً خلاباً تنشده الارواح الحائرة لتطمئن.
فإلى هذا المكان الدائم السطوع و البهاء سأعود.
-3-
هناك وراء المجّرة الأزلية،
تتهالك المسافات و تفنى الأبعاد.
فمن كُتب له أن يجتازها،
يجد فردوساً عجيباً كونه لمختاريه الأبرار الاطهار.
فإلى هذا الفردوس الدائم المُتع و البهجات سأعود.
-4-
هناك وراء السُّدم العجيبة،
تتراقص الرؤى و تحيا التخيلات.
و في هذه الاماكن البكر تمرح صبايا الاماني العذبة،
ثم يطبعن، بشفاههن الفتانة، قبلات ندية على ثغور المُستحقين
فإلى هذا الوطن الاخاذ الذي منحته العناية للمُتعبين سأعود.
-5-
هناك حيث تصادم البروق السماوية بعضها بعضاً،
و تخترق الشهب بروج العوالم الممنوعة،
و من وراءِ ربوات التبر و الفيروز، و تلال المرجان و الزبرجد،
و جبال الحجارة الكريمة و الجزع،
و أودية العقيق و اليشب، و سهول الزمرد و الياقوت،
يخترق نهر الكوثر جنبات مدينة الطمأنينة.
فإلى هذه المدينة السحرية الهاجعة بسكون سأعود.
-6-
هناك حيث لا يستطيع الفكر أن يبلغ إليه،
و إلى المكان الذي أعد الله فيه لأعزائه الاحباء
ما لا يخطر على فكرٍ وما لم يسطّره قلم،
تحن جوارحي و تشتاق نفسي،
و إليه، يا أحبائي، قريباً سأعود.
مزرعة الصليبي( سوق الغرب)
صباح الأحد 25 حزيران 1944