ندّعي الفضيلة وتحتلُّنا الرذيلة
ندّعي الفضيلة وتحتلُّنا الرذيلة
كلُّ منا يدعي بالفضيلة وهو غارقٌ في الرذيلة!
وكلنا يدعي أنه يرتدي مسوح الصلاح وهو مُتَّشح بثوب الطلاح!
يدعي بأنه يعطف على البؤساء، ولو استطاع سلبهم لما تأخر عن ذلك!
يدَّعي بأنه تقيُّ وَرع، بينما الجريمةُ تسري في دمائه!
يدَّعي بأنه مُرشدٌ نزيه، وحقيقتُه ذئبٌ شَرِس بجِلْد إنسان!
يدَّعي بالرأفة والشفقة، والحقد يتمشَّى في أعصابه، والضغينة تنهش فؤاده!
يدِّعي بأنه ذو إنسانية، والإنسانية بعيدةٌ عنه بُعدَ السماءِ عن الأرض!
يدَّعي بأنه رؤوفٌ عطوف، والرأفةُ نفسها تلعنه، والعطف يتمنى أن يرجمه!
يدعي بأنه متقشفٌ يرضى بشظف العيش، وسرًّا يُرفّه عن نفسه باللذاذات!
ومأكلُهُ من أشهى الطيبات!
يدَّعي بأنه يملكُ من المزايا أنبلها ومن الخصال العليّة أشرفها،
وحقيقتُه ضبع جيف نتِنة، وخلالهُ من أحظّ الخلال المبتذلة!
جميعنا ندَّعي ظاهريًّا بالفضل والفضيلة، وباطنيًا تُعشش الأفاعي فينا،
وتَلِدُ العقاربُ السامَّة بداخلنا أفانينا!
فمتى متى نتَّعظ قبل أن يأتي الموت حاصد الأرواح فيُفنينا!
محطة طيران فينا بالنمسا، في 4/7/1972
الساعة 11 صباحًا.