الخوفُ من المجهُول
الخوفُ من المجهُول
خوفٌ وذعرٌ هائلان يقطنان في أعمق أعماقي!
وشعور دافق من الاضطراب مُستحوذٌ على كياني!
ورهبةٌ جبَّارة تقبض قلبي بيدها الشوكية فأشعرُ بألم مُدمى!
وقلقٌ عظيم استولى على فؤادي فذُعِرتُ وأيّ ذعرٍ هائل!
وهولٌ مُدمّر اندمج بي، وسرى في داخلي كسريان الدماء في شراييني!
ورعبٌ هائلٌ تملَّكني تملكَ الطاغية لأسيره المسكين!
وغيوم مُتكاثفة من عدم الطمأنينة حوَّمَتْ فوق رأسي
مثلما تحوم الغربان الفاحمة وهي تنوح فوق الخرائب البالية!
والكآبة ضربتْ سُرداقها عليّ، فإذا بي ضمن دائرة لا أستطيع منها خلاصًا!
ووجومٌ عجيب غريب لَجمَ لساني وعقله عن التفوه بأية عبارة،
وأنا أعبرُ بالطائرة الجبارة من قارة إلى قارة.
فيا إلهي، يا خالقي ويا موجدي، يا أيها الإلهُ ذو الجبروت العاصف!
إنني أضرعُ إليك لتضع سيالاً روحيًا على فؤادي الذي يخفق بجزعٍ
فيشعر بالطأنينة والهدوء والسكينة؛
وإلا فأطلقني يا إلهي، أطلقني وفُكَّ إساري، ودعني أنطلق
نحو النجوم القصية، نحو السُّدُم العجيبة،
نحو المجرات التي كوَّنتها بإرادتك الإلهية.
ودعني أبلغ عالم السلام والسعادة، عالم الطمأنينة،
هناك حيث يضمحلُّ الخوف والرعبُ والقلق المخيف والجزع المُدمِّر،
هناك، في العالم السعيد حيث تحيا الطمأنينة التي أنا بأشد الحاجة إليها.
فارحمني يا الله، وأرسِلْ لي قبسًا من قدرتك الإلهية،
فيزول قلقي الرهيب المرعب،
وإذ ذاك أسبِّحكَ وأُمُجّد اسمَكَ الإلهيّ مدى الأحقاب والآباد.
الساعة الثامنة إلا دقيقة ليلاً، تاريخ 22/12/1973
في الطائرة الذاهبة من اليونان إلى بيروت