داهش والموت

أسرع أيها القطارُ أسرع

أسرع أيها القطارُ أسرع

أسرع أيها القطار أسرعْ،

فقد ملت روحي كل ما تراه العين.

أسرعْ فالعمر قصير وملاكُ الموت أراه وقد مضّه الانتظار،

انتظار اللحظة التي يستطيع فيها استلال روحي

بمنجله الرهيف الذي لا يرحم.

أسرعْ فقد ارتفعت الشمس في قبة الفضاء،

وهي منطلقة إلى عالمها الساطع الأنوار.

أسرعْ فقد أسرع الربيع بالاختفاء،

وتبعه الصيف اللاذع بحرارته، وما عتَّم أن توارى،

فانبرى الخريف بأوراق أشجاره المتساقطة كأنها الدموع الهتَّانة!

وقد مات الخريف أيضًا وثوى مثلما سبقه زميلاه!

وها إنَّ الشتاء يجري مُسابقًا مركبة أبولو العظيم،

تسبقُه عواصفُه المُزمجرة وبروقُه المُومضة،

ورعودهُ القاصفة المُنقصة، ورياحُه الهوجاءُ العنيفة.

ها إنَّ شبح الموت يقترب مني يُريد وضع حدٍّ لحياتي القصيرة الأمد.

فأسرعْ أسرعْ أيُّها الموتُ الحبيب،

أسرعْ فقد قستْ عليَّ ظروف الدنيا وصروفُ الدهر الخؤون.

أسرعْ فقد قسا عليَّ البشر قسوة عظمى،

كما قستْ عليَّ ظروفُ الدنيا وصروف الدهر الخؤون.

أسرعْ أيّها الحبيبُ الحبيب،

واستلَّ روحي بمنجلك الرهيف،

فرهافةُ منجلك أراها بلسمًا عجيبًا يُنسيني قسوة الحياة

وما لاقيتُه من هوان.

آه! ما أرحبَ عالَمَك الجميل أيها الموت وما أبهاه!

وما أرعب عالم البشر الرهيب، وما أقساه!

                           في القطار الذاهب من باريس إلى مرسيليا

                           الساعة 11 و10 دقائق من صباح 24/2/1974

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!