داهش والأنسان

الأرض الزانية

الأرض الزانية

حلمت أنني جالسٌ على عرشٍ إلهيٍّ مُهيب،

وقد تمنطقتُ بالشمس،

واعتمرتُ اقمر،

وتزينتُ بالكواكب.

وقد أمسكتُ البروق بيمناي،

والصواعقُ استقرت بيسراي،

وسارت العواصف بجانبي،

والأمطارُ تتبعتْ أثري خطوةً فخطوةً؛

وكانت الرجوم تحاذيني،

والسُّدُمُ تأمرُ بأمري.

وسرتُ بسرعةِ النور

نحو أرض البشر،

هؤلاء الأشرار الفجَّار؛

فالمسافةُ للوصول لأرضهم العامرة بالمفاسد والموبقات

هائلة الأبعاد مديدة المسافات.

وسأنقضُّ على أرضهم لأردّمها فوق رؤوسهم،

لأنهم عاثوا شرورًا، وارتكبوا مفاسد هائلةً،

فقضت إرادتي أن أبيدَ كل نسمة حية

في هذه الأرض الفاسقة الزانية،

وسأُبيدُ كل مخلوقاتها عن بكرة أبيهم.

وأخيرًا وصلتُ إليها،

فأمرتُ الزلازل أن تتفجر براكينها

في جميع أنحاء الكرة الأرضية.

وإذا بدويٍّ هائلٍ مزلزل

لم تسمعْ مثله الآذانُ البشرية قط!

إذ تفجَّرتْ آلاف البراكين المُتلظية بجحيمها المُزلزل،

وطغت البحارُ، وتدفَّقت أمواه المحيط العظيم!

وأمرتُ الأمطار أن تتساقط بغزارة هائلة.

والبروقُ كان وميضُها الهائل يُنير الأرض بكاملها،

فتظهر الخلائق المذعورة برعبٍ طاغٍ،

وكانوا ينوحون بمرارةٍ عظيمة،

والخوف المُزلزل قد غير سحنهم فإذاها شوهاء مريبة،

تبعث الذعر المُدمر في الناظر لتلك الوجوه الشائهة،

والعيون التي جحظت لفظاعة ما شاهدته من أهوالٍ رهيبة!

وأطلقتُ سراح الصواعق فراحت تدكُّ الأرضِ دكًا متواصلاً،

وفككتُ عقال العواصف فانطلقت بجبروت،

وهي تعيثُ خرابًا هائلاً في جميع أرجاء المسكونة.

فتدمرت جنبات الدنيا وتقوضت الجبالُ،

وانهارت وكأنها مصنوعة من خيوط العناكب،

وكانت صيحاتُ الهول المُدمِّر تتصاعد من الحناجر

فتمزق الفضاء بعويلها الشيطاني المُجلجل.

لقد قضي على أهلٍ المسكونة الفُساق،

فيا لمصيرهم الهائل!

لقد اندرستْ معالم الأرض واندثرت أبديًا،

فاصبحت في خبر كان!

   كتبت في الطائرة الذاهبة من أغادير للدار البيضاء

   في الساعة 12 و45 دقيقة بعد ظهر 29 آب 1976

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!