داهش والأنسان

وتضمّني إلى صدرها الفتَّان

وتضمّني إلى صدرها الفتَّان

أبحرتُ في زورقي الصغير إلى جزيرة السعادة،

باحثًا عنها في متاهات المُحيط الفيروزي الشاسعة،

وانساب بي الزورق بخفَّة عجيبة غريبة،

شاقًا طريقه الطويلة بين الأثباج الأوقيانوسية،

صاعدًا على رؤوس الأمواج الهادرة بجبروت،

هابطًا في الإوار اللجج الدجوجية السحيقة الأغوار.

ووحوشُ البحر المًخيفة تترصد التهلكة للزورق المسكين

كي تُدخل في جوفها لقمة سائغة دفعها القدر ملكًا حلالاً لها.

وفي اللحظة التي تفكَّكت بها أخشابُ هذا الزورق التاعس،

فغرت الوحوشُ البحرية أشداقها لتبتلعني بشراهةٍ عظمى.

وإذا بحوريّة بحرٍ رائعة المفاتن، ناعسةالأجفان، تغمرني بحنان،

وتشقُّ جوف البحر لصيدها الثمين، غائصةً بأعمق أعماقه القصية،

ذاهبةً إلى قصرها المُرجاني العجيب، المُذهل بفتنته للعقول،

وتُدخلني الحورية إلى مقصورتها العجيبة الغريبة،

إذ يعجز قلمي عن وصف روائعها الخيالية.

وتضمُّني إلى صدرها الفتّان، ثم توسع شفتي تقبيلاً بلهفٍ وشعفٍ عجيبين،

وأنا ذاهلٌ مما حدث لي، غائب عن الوجود لعظم اللذة الهائلة.

وتكلمت عروسُ البحر الفاتنة، فقالت لي:

– سأمنحُك لذةً لن تستطيع منحك إياها أية ابنة حواء في الكرة الأرضية.

ونظرتْ إليَّ بعينٍ نعساء كحلاء، ثم غمرتني بزنديها الفاتنين وقالت:

        إن حبي العظيم لك هو خالد كالأبد، إذ لا نهاية له.

وللمرة الثانية ألصقتْ شفتيها بشفتي، وقطعتهما لثمًا وتقبيلاً.

وفجأة، استيقظتُ على رنين جرس التلفون،

فنهضتُ مذعورًا، ولا يزال رنينُ القبلات الشهية يرنُّ في أذني.

وإذ ذاك ردَّدتُ في نفسي قائلاً:

        تُرى، هل سأعود وألتقي بكِ، ثانيةً، يا عروس البحر افاتنة؟

ربّاه! ومتى يكون ذلك يا إلهي؟

                               بيروت، الساعة الخامسة والنصف بعد الظهر

                                             تاريخ 24/3/1974

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!