الليل يحاربُ النهار
الليل يحاربُ النهار
البردُ قارسٌ، والهواء عاصف، والثلج يتساقط بعنفوان.
الطيور رحلت، والثعالب فرت، والضواري هاجرتْ.
الأشجارُ أثقل كاهلها الثلجُ، فناءت به وهي ترتعدُ من البرد المُبيد.
السهول المُنبسطة ارتدت ثوبًا براقًا ناصع البياض.
صمتٌ أخرس ضرب سرادقه على المسافات الشاسعة فوجمتْ.
ثم…. ثم زحف الليلُ بجحافله المُدلهمة
وأعلن حربًا ضروسًا على بياض الثلج.
فهو يريد أن يلفه بردائه الدجوجي، إذ يريد كل شيء مُظلمًا،
والثلجُ يأبى إلا الظهور بلونه الأبيض المتلألئ.
وانقضى الليل والحربُ بينهما سجال، إذ تكسرت النصالُ على النصال.
وعندما انقضت جيوشُ النور ناشرةً الويل والثبور،
فرتْ فيالقُ الليل مذعورةً من بطش أساطيل النهار الأبلج،
تتقدمه أشعةُ الشمس الساطعة البهية فغمرت السهول والبطاح.
وابتدأ الثلج يشكر صنيع الشمس له إذ نصرتهُ على قوات الليل المُدلهمة،
فراح يذوبُ أمامها عرفانًا لجميلها له.
وما لبثت الطيورُ الراحلة أن عادت إلى وطنها فَرحة،
والوحوشُ المُهاجرة والثعالبُ الفارَّة أسرعتْ إلى موطنها ونفوسُها مرحة.
وتوقف الثلجُ عن الانهمار، وعاد الدفئ فعمرت به الصدور.
وبعودة الربيع أزهرت الأشجارُ وثقلتْ أغصانُها بالأثمار،
وانتثرت في الغياض شتى أنواع الورود والأزهار،
وغردت على الأدواح أسرابٌ عديدةٌ من الأطيار،
ابتهاجًا بمولد فصل الربيع الرائع
بيروت، الساعة الخامسة والربع من فجر 17/1/1975