في أدب الدكتور داهش

أهلاً بالقلب المُحطّم المُلهم !

أهلاً بالقلب المُحطّم المُلهم !

    مقدّمة الشاعر حليم دمّوس لكتاب “القلب المحطّم”

                                                                     بقلم حليم دمّوس

 

يا أخي !

أرأيت الروض الناصع الزاهر بأزهاره ؟!

والبحر الواسع الزاخر بتيّاره ؟!

والفضاء الشاسع الباهر بأنواره ؟!

هذا هو الدكتور داهش الرائع الساحر بأسراره !

فمن بساطة متناهية إلى عبقريّة لا متناهية !

ويشهد عليّ هذا القلم الجاري على هذه الصفحة

يسوّدها كما تسوِّد فحمة (الليل) وجنة (النهار)،

أنني ما دخلت مرّة على هذا الأخ العجيب ، والإنسان الغريب ،

وهو في سرّ خلواته ،

إلا خرجت من غرفته حائراً مدهوشاً

لما أراه وألمسه من عجائبه وآياته !

فمن مُطالعاتٍ دائمة ، ومُراجعاتٍ ملازمة ،

وظاهراتٍ روحيّة علويّة ،

إلى مباحثٍ أخلاقيّة ،

إلى نشرِ آثارٍ قلميّة ، وألوانٍ أدبيّة فنيّة ،

هي بالإعجاب والدهشة حريّة !

وأمامي الآن مخطوطة (القلب المُحطّم)،

من نتاج ذلك القلم (السحريّ) والفكر(المُلهم)،

وهي صفحة من صفحاته ، ولمحة من لمحاته ، ونفحة من نفحاته !

وفيها الشعر والنثر ، والمعنى العميق الدقيق ، والمبنى الرصين الرشيق !

وفيها العناوين الفريدة ، والمباحث المفيدة ،

وكلّها ترمي إلى المرامي البعيدة ، والأهداف السديدة .

وأنت إذا طالعت هذه المجموعة من الألف إلى الياء

كما طالعتها أنا ، خشعت نفسك مثلي

لمثل هذه الرسائل البعيدة ،

والتأمّلات الرفيعة ، والأحلام الصريعة ،

والصرخات الداوية ، والكواكب الهاوية ، والآمال الذاوية ،

إلى ما هنالك من نفثات صادقة ، وقلوب خافقة ، ودموع دافقة ،

وذكريات مُؤلمة ، وثورات مُهدّمة ، وأجنحة مُحطّمة ،

ونفوس جائعة ، وحوادث رائعة ، وتنبّؤات واقعة ،

إلى غير ذلك من روائع بدائع الأقوال ،

حيث يتعانق الخيال بالحقيقة والحقيقة بالخيال !

وعندئذ تخشع الروح النقيّة فترتفع إلى العلياء ،

وتسمو إلى أسمى سماء !

                                   *      *      *

 

فيا أخي !

إنّ كتاب (القلب المُحطّم ) تحفة ! بل طرفة !

وهو عندي همسات إلهام ، ولمسات أقلام ،

وإن كان في نظر سواي عصارة يأس ودموع وآلام !

وإذا كان (الألم واليأس) ينبثق منهما

مثل هذه النظرات الأدبيّة المُذهّبة ،

والخطرات الروحيّة المُهذّبة ،

فمرحباً باليأس وأهلاً بالآلام !

ومرحى لنوائب الزمان ومصائب الأيّام !

لم أشكّ من وقع المصائب مرّة                إنّ المصائب هذّبت أخلاقي !

هذا بيت من أبيات قلتها من سنوات ،

واليوم جاءت هذه المجموعة الفريدة تؤيّد هذا (البيت) وتقوّيه ،

وتدعمه بأدلّتها البالغة البليغة وتُعليه !

نعم ! هذا ما لمسته وشعرت به

بعد أن طالعت بلذّة روحيّة هذه المجموعة الفنيّة الرائعة ،

وبعد أن أتيت على آخر كلمة من آخر سطر

من آخر صفحة من صفحات هذا المؤلّف العجيب !

 

                                           *      *      *

أهلاً بالقلب المُحطّم المُلهم !

أهلاً بالقلب الخافق الدافق !

فمنه ستتفجّر مياه الرحمة والحبّ والحنان !

… وحبّذا صخرة (اليأس)

تغالبها الرياح الهوجاء ،

وتشقّها عواصف الأرض والسماء ،

فتحيينا بمثل هذه الينابيع الروحيّة الصافية ،

وتنعشنا وتقوّينا بالأسرار الإلهيّة الشافية !

                                    حليم دمّوس

             بيروت ،12 حزيران 1942

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!