صوت كأنّه الوعد !
صوت كأنّه الوعد !
مقدّمة “نشيد الأنشاد”
(الترجمة الفرنسيّة)
بقلم ماري حدّاد
بكلمات جديدة ، وكلمات قديمة أيضاً ، يتعالى ، بفمِ الدكتور داهش ، نشيدٌ علويٌّ انبثق من حنايا نفسه انبثاق أغاني البلبل في غابِ العوالم السماويّة .
خطّته يده ، في ساعة ملهمة ، بريشة مغموسة في الجمال والطهارة ؛ أمور غريبة تجري على أرضنا ، ولكنّها طبيعيّة فيها مثلما يسيل الماء بطلاقة من منبعه .
وما يغنّيه ، من خلال رمز إنسانيّ ، إنّما هو الجمال بكلّ براءته الأولى ، كما خلقه الله ليكون بردة آدم وحوّاء الأبديّة في الفردوس الأرضي . ولكنّهما مزّقا بردة الجمال والفرح والخلود ، وهاما على وجهيهما ، في الآلام والموت ، مع ذكرى السقوط وغصص الندم .
على أنّ صوتاً يرتفع كأنّه الوعد . وما فتئ لبنان يرجّع نداءه من قبل أن يكفّ الصدى عن الترديد ، مع سليمان : هلمّي ، أيتها العروس ، معي من لبنان !
لبنان ، يا بلاد الأرز والزيتون والكرمة ! يا وطن الأشذاء والزهور ! يا تربة الكلمات الإنجيليّة ! يا أرض الأنبياء والمُعجزات !
لبنان ، ثمّة صوت يرتفع فيك ، مردّداً من جديد نداء سنيّاً إلى الحبّ الإلهيّ والجمال الأوّل ، المُستغرقين ، في موضع ما ، بسباتٍ عميق .
“لا توقظن من اختارتها روحي حتّى تشاء”.
ستأزف تلك الساعة ، ومن لبنان يتعالى نشيد حبّ وأمل .
” سندخل في قدس أقدامك الطاهرة بثيابٍ جديدة من الجمال والخلود . ولا نتيه بعيداً عن قطيع إلهنا”.
لأنّ نبيّا جاء مؤيّداً بروحِ الله وكلامه ومُعجزاته .
كثيرون هم المدعوّون إلى الوليمة الإنجيليّة ، حيث يمنحون نور المسيح وتعاليمه . ولكنّ النور يلد الحقيقة ، والناس يخشون الحقيقة .
إنّني مدينة للدكتور داهش على ما أعطيته هذه الصفحات القليلية من سعادة . وأشعر بأنّي في منجاة من كلّ مجاعة روحيّة قد يأتي بها المستقبل ، إذ إنّ أهراءنا تمتلئ كل يوم بفيضٍ من مآثر الدكتور داهش ؛ مآثر ذات أبعاد فائقة تستمدّ إلهامها وحجّتها من العالم الروحيّ .
وإنّ للغد القول الفصل .
ماري حدّاد
بيروت ، أوّل آب 1943