لن أجني على ابنتي أو ولدي
لن أجني على ابنتي أو ولدي
هذا جناه أبي عليّ وما جنيت على أحد (6).
أمّا أنا فلن أجني على ابنتي ، أو على ولدي ،
ولن أترك ذّريّة على ذي الفانية من بعدي .
أتمنّى أن أُوغل عنها قصيّاً في متاهات بُعدي .
كم تعذّبت في أرض الفناء ، أرض العناء ، وكم جفني مضّه تعبُ السّهد !
وكم لاقيت هواناً من طاغية باغية ومن وغد !
أضغاث أحلام إذ ظننت أن يرفق بي غدي فأتذوّق حلاوة الشهد .
أنا شقيٌّ مذ كنت رضيعاً أمتصّ حليبي من النهد ،
وبائس مذ كنت فطيماً سجيناً مُرغماً في مهدي .
كم وعود معسولة وعدتها ، وكانت أكاذيب ، فتبّاً لها من أراجيف وعد !
أنا طلّقت الملذّات مذ عرفت الحقيقة ، وهذا يميني وعهدي .
فالابتعاد عن المغريات رائع ، وأروع منه تمام الزّهد .
هي الحقيقة ، يا خالقي ، يا موجد الصواعق والرعد .
أنا لا أثقُ بأيّ ابن أنثى ، ولن يطمئنَّ قلبي لأحد .
فخير البرايا لي هم الداهشيّون ، فمثلهم في البرايا لن أجد أيّ فرد .
فحياتي كانت سلسلة أهوال وصدام من المهد إلى اللحد .
كُتبت في القطار الذاهب من مرسيليا إلى ميلانو
الساعة السادسة والنصف مساء، تاريخ 26/2/1974