كفرت بالحياة وباركتُ الموت
كفرت بالحياة وباركتُ الموت
كفرتُ بعالمِ الأرضِ عالمِ النميمة والحقارة،
عالمِ الأضاليل والفساد والرجس المُدنس.
إن أشواك الأرضِ مُرعبةٌ، وعواسج دنيانا فتاكة.
ومن يصل إليها، عليه أن يحمل صليب عذابه، ويجترَّ آلامه.
فلو لم يستحق المجيء إليها لمّا بلغها.
وما أرضنا إلا دركٌ مُرعبٌ ومُخيف!!
مصائبُهُ شاملةٌ، وبلاياهُ عامة، وذئابهُ مُفترسة.
إنَّ ربَّ هذا العالم هو المالُ، والمالُ فقط،
فيه يحيا العبادُ، وباسمهِ يُسبحون وإيّاهُ يعبدون.
هم يعفرون جباههم أمام موطئ نعليه القذرين،
مردّدين: قُدّوس، قدّوس أنتَ أيُّها الدينارُ المعبود!
فأنتَ المُهيمنُ على شؤون أبنائكَ المُخلصين لك؛
فأرضُنا شقيَّةٌ بدونكَ، وتباركت بوجودكَ.
لهذا أجدني قد ضِقتُ ذرعًا بوجودي في ربوع هذه الدنيا المرذولةِ المُلوثة،
رافعًا ضراعتي للقدير لكي يُنهي وجودي من سجنِ الأرض المُرعب؛
هذا السجن الذي يضجُّ بالضواري التي ترودُ شعابه وتهبطُ أوديتهُ؛
ثم ترتقي شوامخ جباله عائثةً فسادًا في مدنه وبواديه.
والسعيد السعيد من يفكُّ إسارةُ من ربوع هذه الدنيا اللعينة.
فبانطلاقه من عالم الشقاءِ، عالم الموبقات المُدنَّسة،
تحفُّه سعادةٌ عظمى؛
ومنْ لم يُكتبْ له الموتُ
فتعاستُهُ هائلةٌ، وشقاؤُهُ مُرعبٌ مُخيف…!
في السيارة الذاهبة إلى نيويورك
الساعة 10 إلا 10 دقائق.
تاريخ 11/3/1977