سكينةٌ شاملة
سكينةٌ شاملة
نيويورك هاجعة والسكينة تحفّها من أدناها إلى أقصاها،
وليس من يقظٍ فيها سوى النجوم التي ترصع سماواتها؛
فأنت لا تسمع في شوارعها التي لا تُعدّ رِكزًا أو إيقاعًا.
الجميع استسلموا لسلطان النوم القاهر الذي لا يقاوم،
والكرى عقد أجفان الصالحين والطالحين،
فهاموا بعالمه العجيب الغريب.
لقد أصبحت نيويورك وكأنها مدينة الموتى الأبدية الصمت،
لا همسة أو نأمة، والسكينة امتلكتْ ناصية الفوز والانتصار،
وتربعت على القمة وقد كللت رأسها بأكاليل الغار.
وكان القمر يُرسل أشعته اللطيفة فيبدّد ظلمات أزقة مدينة الملايين.
إن أنوار البدر تجوس دروب المدينة الجبَّارة وحيدة فريدة،
لا عواء أو مواء، حتى الكلاب والقطط قد استسلمتْ لسطان النوم الظافر.
ونظرتُ من النافذة، فإذا ببريق نجمة وضاءة تسمَّر نظري فيها،
فكأنها ومضاتٌ لألاؤها البهي يدعوني لزيارتها،
فهتفتُ وأنا صامت: لبيك يا نجمتي الحبيبة لبيكِ،
إن روحي تهفو إليك وترجو ولوج فردوسكِ،
ولكن هيهاتِ أن أجوسكِ وأنا بجسدي المادِّي،
فليتني أرقد رقاد الموت لأنعم بجنَّات خلدِك،
علَّني أجتمعُ بربوعك السعيدة البعيدة
بأحبائي الذين سبقوني وهم ينتظرونني.
نيويورك، الهامبتون هاوس،
الساعة 3 ونصف من فجر 25/7/1977