جريمة القرن العشرين

سيف الحقيقة الرهيف سيبتر المجرم والمجرمين

سيف الحقيقة الرهيف
سيبتر المجرم والمجرمين

بقلم الكتور داهش

 

منذ سبعة وعشرين عاماً مضت , أطلقت ( ماجدا حدّاد الداهشيّة ) الرصاص على صدغها وضحّت بحياتها , وذلك إحتجاجاً على الظلم الرهيب الذي أوقعه أقرباؤها بي , إذ جرّدت من جنسيّتي , وأبعدت , وشرّدت في مشارق الأرض ومغاربها .

ولور قرينة بشارة الخوري رئيس الجمهوريّة اللبنانيّة , يومذاك , هي خالة ماجدا حدّاد الداهشيّة .

وفي أواخر عام 1942 , إعتنق الداهشيّة كلّ من ماري حدّاد وقرينها جورج حدّاد , وكذلك كريماتها : ماجدا الشهيدة , أندره , وزينة , كما آمن بها صهرهما جوزف حجّار قرين السيّدة أندره .

وقد حاول أقرباء آل حدّاد أن يبعدوا السيّدة ماري وقرينها وكريماتها عن مؤسس الداهشيّة , واستعملوا كافة الطرق , ففشلوا وكان فشلهم ذريعاً .

وإذ ذاك صدر مرسوم النفي والإبعاد . فما كان من ماجدا صاحبة العقيدة الداهشيّة الراسخة إلاّ الإحتجاج الصارخ , إذ أطلقت الرصاص على صدغها مضحّية بحياتها الغالية في سبيل إيصال صوتها للرأي العام , إستنكاراً لهذا النفي المجحف والتشريد الذي تجاوز حدود القانون والدستور .

إنّ هذه المأساة المرعبة قد مضى عليها سبعة وعشرون عاماً , وما تزال كأنّها ( إبنة ساعتها ) .

وستمضي آجال وتتصرّم أجيال , وستؤلّف كتب كثيرة شارحة مراحل هذه المأساة الهائلة .

والشعوب القادمة ستكون الحكم إذ ذاك ,

ويكون التاريخ القول الفصل .

وسوف يميّز الصالح من الطالح .

وسيكون حكمه صارماً ولكن عادلاً .

وبما أنّني أعتقد إعتقاداً راسخاً بخلود الأرواح , وأنّها تنتقل بعد الوفاة الى عوالم مادّية أخرى , إذاً بوسعي أن أؤكّد تأكيداً جازماً أنّ الحساب لم يسدّد بيني وبين من إرتكب الشرّ الفاضح , وأنّ الإقتصاص سيبتدىء فور إنتقالي من عالم المادّة الدنيويّ هذا .

وسيكون الحساب عسيراً , وسيدفع الثمن غالياً . وإذ ذاك تنتصر العدالة بعد أن يساط الظلم سوطاً رهيباً , إذ لكلّ جريمة ثمن ستدفعه عاجلاً أم آجلاً . وإنّ ربّك لبألمرصاد .

وما أروع الكلمة الخالدة التي تفوّه بها الأديب الروسي العالميّ تولستوي , إذ قال : إنّ اللّـه يمهل ولكنّه لا يهمل .

وإذ ظنّ المعتدي أنّه قد نجا بعدما انطلقت روحه من عالم الأرض ولم يقتصّ منه على ما إرتكبه من أهوال جسيمة , فظنّه باطل وتخيّلاته وهميّة .

وستوقظه الفجيعة التي ستنقضّ عليه إنقضاض الصواعق في عالمه الذي أوصلته إليه أعماله الرهيبة .

وليثق الجميع بأنّ كلّ آت قريب .

ومن يتهكّم بأقوالي هذه , فإنّما يتهكّم بنفسه وغبائه الشديد . وإنّي أسأل بدوري , من أين أتيت أيّها العلاّمة العارف الغارق في العلوم والفلسفات . ولكنّه سيصمت , ولن يستطيع إعطائي الجواب .

وما دام الإنسان يأتي ولا يعرف من أين كان مجيئه , فما أحراه أن يجهل إلى أي مكان ستكون عودته , عند إنتهاء أيّامه على أرض الشقاء هذه .

ولكنّي أعتقد إعتقاداً راسخاً أنّ كلّ إبن أنثى سيذهب , بعد وفاته , الى عالم ماديّ آخر , ويبدأ , هناك , حياةً جديدةً أخرى .

وهكذا يتسلسل موته وبعثه من عالم الى عالم حتى يبلغ عالم الروح , بعدما يكون قد تدرّج في سلسلة إختبارات وتجارب هائلة , وبعدما تكون روحه قد بلغت الكمال , بعد سلسلة مرورها في عوالم عديدة .

هذا هو رأيي الخاص , ولكلّ رأيه الخاصّ .

وإنّي أستشهد بالآية القرآنيّة القائلة :

( إنّك لا تهدي من أحببت . إنّ اللّه يهدي من يشاء ) . والسلام .

بيروت في 15 – 2 – 1972

داهش

جريمة ألقرن العشرين Back to

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

error: Content is protected !!