في ذكرى انتقاله
في ذكرى انتقاله
استجاب الموت لنداء الحبيب بعد طول مناجاة, ففارق دنيانا غير آسفٍ عليها, وكيف يأسف على أرض الشقاء التي اضطهدَ فيها لأجلِ دعوةٍ ملؤها المحبَّة, من قلبٍ أدماه رؤيتهم يغوصون في مستنقعات الرذيلة, مبتعدين عن الفضيلة , متمسِّكين بعاداتٍ وتقاليد واهية, لا تغنِ ولا تثْمن, نافخين في رماد الفتنة والتفرقة فيما بينهم, صامِّين الآذان عن صوت الحقِّ, ضاربين عرض الحائط بتعاليم السماء ونُظُمِها السامية.
استجاب الموت , فانطلق من عالمنا الأرضي الى عوالمه البعيدة السعيدة, تاركاً كلمة اللّه في الأرض , رسالة الهيَّة, وتعاليم روحيَّة, ومباديء سامية, منارة هدى, تهدي السبيل الى طريق الحقِّ والنور واليقين. وتنير لنا دروب الظلام لكي تبعد عنّا العثرات التي تعترض اصلاحنا لذاتنا الخفيَّة.
منارةٌ هي شعلة الهداية الألهيّة, منها نستمدُّ النور الذي به تُنار الظلمات , فما نحنُ الاَّ ذلك الشعاع ما بين الشعلة والظلمة . ذلك الشعاع , اذا اتَّحدَ أضاء, والاَّ فلن يضيء أكثر من أن يُظلم.
لنجدِّد العهدَ لصاحب الشعلة, بالعمل الجاد والمضني لنشر تعاليمه في مشارق الأرض ومغاربها, مُضحِّين ومجاهدين في سبيل أعلاء كلمة اللّه . غارسين المحبّة في نفوس قاطنيها , ليزهر السلام في نفوس ابناءها, فنحصد الرقي الذي هو أمنية الهادي الحبيب.
لنجدِّد العهد لصاحبِ الذكرى, بالسير قدماً بمبادئه, ملتزمين بها , حاثِّين الخطى في سبيل العمل على رقي سيَّالاتنا. فأعمالنا هي مرآة نفوسنا , تعكس أيماننا على الآخرين, فتضيء دروبهم , فيرون الحقائق دون بهارج كاذبة, تغلّف عادات وتقاليد موروثة.
الحبيب هو بحر المحبَّة, فلتكن المحبَّة بكل ما نعمل, وليس غيرها من يجمع القلوب والأديان, فقد ملّت البشريَّة الكراهية على مختلف أنواعها, والمتجسِّدة في فتنٍ تجتاح الكرة الأرضية من مشرقها الى مغربها , غير حاملةٍ سوى سموم الحقد والأنتقام.
لنتذكّرَ الهادي في ذكرى انتقاله, ولنبقى في قلبه, فنحن منه واليه, الى أن تأزف ساعة اللقاء.
حسين يونس الداهشي
التاسع من نيسان 2014